حكمة الدقيقة الواحدة في اتخاد القرارات.

سنذكر لكم اليوم قصة بعنوان " دقيقة واحدة ". يقول صاحبها كنت انتظر دوري في شباك التذاكر لاشتري بطاقة سفر في الحافلة الى مدينة تبعد بحوالي 330 كيلومتر، وكانت امامي سيدة كبيرة في السن قد وصلت الى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية ارجوك تنحي جانبا فالناس ينتظرون. ابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال وقبل ان اشتري بطاقتي سألت الموظفة عن مشكلة تلك المرأة، فقالت لي بان هذه المرأة معها 8 بطاقات السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة وتريد ان تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. فقلت لها هذا يورو واعطها البطاقة التي تريد وتراجعت قليلا واعطيت السيدة المجال لتعود الى دورها بعد ان نادتها الموظفة. اشترت هذه السيدة بطاقتها ووقفت جانبا وكأنها تنتظرني فتوقعت انها تريد ان تشكرني، انا انها لم تفعل، بل انتظرت حتى اشتريت البطاقة وتوجهت الى ساحة انطلاق الحافلات فتبعتني تمشي ورائي، ثم قالت لي بصيغة الامر، احمل حقيبتي هذه. فاستغربت من طلبها ولكن وبدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سويا الى الحافلة. ومن الطبيعي ان يكون مقعدي بجانب مقعدها لانها كانت قبلي بالدور تماما. اردت ان اجلس بجانب النافذة لكي استمتع بمنظر تساقط الثلج الذي قد بدأ قبل ساعة، لكن السيدة منعتني وجلست هي من جانب النافذة ثم التفتت الى واخذت تحدق في وجهي بطريقة غريبة دون ان تنطق بشيء، وانا انظر امامي حتى بدأت اتضايق من نظراتها فالتفت اليها مستفسرا، عندها تبسمت لي قائلة: كنت اختبر صبرك وتحملك، واعرف تماما بماذا كنت تفكر، فقلت بان الامر لا يستحق. هنا اخبرتني بانها عندها حاجة ستعطيها لي مقابل اليورو الذي دفعته لها اذا وافقت. فسألتها عن تلك الحاجة فقالت انها حكمة. فوافقت على عرضها وسألتها عن تلك الحكمة فقالت: دقيقة فقط
هذه هي الحكمة.

 في كل امر تريد ان تتخد فيه قرارا وعندما تصل الى لحظة اتخاد القرار اعط نفسك دقيقة اضافية. في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل اصدار قرارك قد تغير امور كثيرة. 

فمثلا ان كنت قد قررت انك صاحب حق وان الاخر قد ظلمك، فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك وعن انانيتك، ربما ستكتشف بان الطرف الاخر لديه حق ايضا، وعندها قد تغير قرارك اتجاهه. وان كنت مثلا نويت ان تعاقب شخصا ما، فانك خلال هذه الدقيقة بامكانك ان تجد له عذرا فتخفف عنه العقوبة او قد تسامحه نهائيا. فدقيقة واحدة بامكانها ان تجعلك تعدل عن اتخاد خطوة مصيرية في حياتك قد تكلفك الكثير. كم من طلاق حدث بين الزوجين وتشرد الاطفال بسبب قرار متسرع مبني على عناد وسوء فهم، وكم من مدير فصل موظفا عنده بسبب ردة فعل غاضبة، وكم من رجل خسر ماله في صفقة بسبب مجاملة او الرغبة في الربح السريع، وكم من اخبار ننشرها وشائعات نساهم في ترويجها دون ان نتثبت ونتريث لبعل صحتها من كذبها. لذا فلنذرب انفسنا على التروي والهدوء، ونعطي انفسنا ولو دقيقة واحدة قبل ان نتخد قرارا او نقول كلمة.
حكمة الدقيقة الواحدة في اتخاد القرارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المقالات الاكثر مشاهدة

جميع الحقوق محفوظة © تطوير الذات

close

أكتب كلمة البحث...